في ذكرى استشهاد سيد شهداء أهل الجنة
-الرئيس الأب حمل راية الدفاع عن الدين والتلاعب بمشاعر البسطاء في "غزوة الدنمارك" بينما جلس الإبن بين حكام المستقبل في مقصورة استاد القاهرة يتمايلون طرباً وأنباء فاجعة "عبارة الموت" تملأ الدنيا.
· - كان مبارك الإبن يقفز مع كل هدف بين تابعيه في المقصورة الرئيسية بينما تصعد روح إلى بارئها وسط الأمواج العالية في البحر الأحمر.
· - هل كاريكاتيرات الدنمارك – وهي ذنب لو تعلمون عظيم – أشد جرماً من قتل الأنفس التي حرم الله إلا بالحق وتعذيب الأرواح في السجون رغم أن من نشروا الأولى سارعوا بالاعتذار ومن يقتلوننا ويعذبوننا مصرون على طغيانهم باعتبار أننا لا ثمن لنا؟
في كربلاء الكرب كان والبلاء تجمعاً
قتلوك يا سبط النبي
في مثل هذا اليوم قبل ما يقرب من 1400 عام سقط الحسين بن علي سيد شهداء أهل الجنة شهيداً وهو يخوض معركته ضد استبداد حكم بني أمية وفساد يزيد بن معاوية، وضد توريث الحكم وتحويل الخلافة الرشيدة إلى وراثة وملك عضوض.
سقط الحسين وحيداً بينما كان بنو أمية يشغلون الناس عن فسادهم بإرهاب للمعارضين في الداخل وحروب وهمية مع الفرس والروم في الخارج.
ونحن بعد 1400 عام أخرى مازلنا نعيش ألف كرب وألف بلاء ويحكمنا ألف معاوية وألف يزيد .. وبينما يشغلوننا عن همومنا وأزمتنا بتفاصيل يومية قاتلة وحروب جانبية وهمية ويسوموننا هم وزبانيتهم سوء الإهانات يعدون أبنائهم لوراثتنا ووراثة مستقبلنا ومقدراتنا .. "راجع تغييرات الحزب الوطني الأسبوع الماضي والتي تمهد لعودة يزيد – عفواً – سيطرة جمال مبارك" .
ذكرى سيد شهداء أهل الجنة فرضت نفسها علىّ وأنا أتابع سقوط أكثر من ألف شهيد على "عبارة الموت" صرعى لإهمال هذا النظام واستهانته بأرواح الفقراء والمهزومين بفعل سياساته التي أجبرتهم على هجران الأهل والأحبة بحثاً عن لقمة عيش صعبة مغمسة بلهيب الصحراء وإهانات الكفيل .. بينما وقفنا نحن المهزومين والموكوسين بفعل سياساتهم نتفرج على هزائمنا، نبحث عن معارك وهمية في الخارج ننسى بها خيباتنا في الداخل .. أما هم فقد ركبوا الموجة وحملوا هم وحلفاؤهم راية الدين يحمون به عروشهم وقسموا الأدوار بينهم .. وبينما حمل الأب راية الدفاع عن الدين والتلاعب بمشاعر البسطاء في "غزوة الدنمارك" جلس الإبن بين حكام المستقبل في مقصورة إستاد القاهرة يتمايلون طرباً بينما كانت أنباء فاجعة العبارة تملأ الدنيا .. كان مبارك الإبن يقفز مع كل هدف بين تابعيه في المقصورة الرئيسية بينما تصعد روح إلى بارئها وسط الأمواج العالية في البحر الأحمر بعد أن تأخرت عمليات الإنقاذ لأكثر من 15 ساعة وبعد أن تم رفض كل عروض الإنقاذ التي جاءت من الخارج وكأنهم يدارون على سر ما "لا بيرحموا ولا بيسيبوا رحمة ربنا تنزل" .. قفزة أخرى في الهواء وطفل على الجانب الآخر يلفظ أنفاسه الأخيرة بينما تتيتم عشرات الأسر وتترمل عروس قبل أن تدخل دنيا وتسقط أم ثكلى انتظرت ابنها طويلاً ليعود ويملأ عليها حياتها وينشر الدفء في جنباتها فيعود ملفوفاً في كفنه بينما يتركها لبرودة أيامها الأخيرة .. قفزة ثالثة ورابعة في المقصورة بينما تدوي صرخة دامية على حبيب لن يعود أو أب ترك أطفاله الصغار بحثاً عن خلاص له ولهم فلم يبق لهم إلا الهجر واليتم وبرودة الأيام، أو حبيب ترك حبيبته على أمل العودة ببيت وفستان زفاف فلم يترك لها إلا ثوب الحداد .. "رب لا تدخل القلب في تجربة" .
كل هذه المشاهد تداعت إلى ذهني يوم الأحد الماضي عندما نزلت إلى نقابة المحامين لأكتشف مظاهرة تضم أكثر من 1500 مواطن وبينما سارعت للاقتراب منها ظناً مني وبعض الظن إثم أنها خرجت للتنديد بما حدث في البحر الأحمر وسقوط أكثر من ألف مواطن في كارثة العبارة أو اعتراضاً على ما لاقاه أهاليهم وذووهم الذين يذهبوا لاستلام جثث ضحاياهم فلم يجدوا إلا عصى الأمن المركزي وقنابل الداخلية المسيلة للدموع من عيون أبت دموعها أن تسقط من فرط أحزانها لكنهم لم يراعوا لأحزانهم حرمة .. إلا أنني فوجئت أن المظاهرة خرجت للتنديد بما حدث في الدنمارك .. رغم الاعتذارات المتوالية – وكأن الهدف هو إلهاؤنا عن مآسينا وشغلنا عما يحدث في الداخل .. وكأن كاريكاتيرات الدنمارك – وهي ذنب لو تعلمون عظيم – أشد جرماً من قتل الأنفس التي حرم الله إلا بالحق أو تعذيب الأرواح في السجون والمعتقلات رغم أن من نشروا الكاريكاتيرات سارعوا بالإعتذار ومن يقتلوننا ويعذبوننا مصرون على طغيانهم باعتبار أننا لا ثمن لنا ..
ولعل مالفت نظري في المظاهرة رغم كبر عدد المشاركين بها أنها خلت من أي عسكري أمن مركزي حولها رغم أن المتظاهرين سدوا نصف شارع رمسيس " هل تتذكرون مشاهد السحل والضرب والحشود الإمنية في مظاهرات كفاية رقم ان بعضها كان أقل عدداً .. وكان النظام يقول لنا . إنكم محميون ومأمنون على أرواحكم طالما انكم مشغولون عنا بالخارج وملهيون عن مشاكلكم وكوارثكم بغيرنا لكن الغريب ان المتظاهرين استسلموا للرسالة .. فهل اهانة الرسول رغم ماتبعها من اعتذارات اهم عند الله من حرق الفقراء في البروالبحر، هل هي اخطر من الفساد وتعذيب الأرواح في المعتقلات، هل اهانة النفس البشرية اخطر من رسوم كاريكاترية لن تنال من عظمة الرسول وعظمة الإسلام شيئاً ؟ ..هل الأصح ان نوجه سهامنا لمن صنعوا ازمتنا ثم ذهبوا يتفرجون علي احفادهم وهم يلعبون الكرة في تدريبات المنتخب ام ان نوجهها للخارج رغم كبر الذنب خاصة اننا مسئولون قبل غيرنا عن الحال التي وصلنا اليها وعن رؤيتهم لنا؟! ..هل بخلاف اننا نمارس نفس الممارسات يومياً ضدهم وضد اديانهم.
اؤكد ان ماحدث في الدنمارك خطأ ـ لو تعلمون ـ كبير لكنه يتضاءل امام جرائم حكامنا في حقنا فضلا عن ان مواجهته تكون بالحجة لا بالمقاطعة .. بتغيير صورتنا امام الخارج لا بتأكيدها بممارسات غير مدروسة .. بالرد عليها لا بإشعال الحرائق الداخلية وإحراق الكنائس كما حدث في لبنان .. بإدراك ماتفعله انظمتنا فينا وسعيها لاستغلال ازماتنا لالهائنا عن جرائمها في حقنا لابتوجيه سهامنا الي قوي خارجية مهما كان خطأهم في حقنا فنحن شاركنا في صنع هذه الأخطاء .. لن اتكلم عن اختلاف المناخ بيننا وبينهم وعن مساحات الحرية هنا وهناك ولكنني لايمكن ان اتجاهل انه في الوقت الذي كنا نخرج للدعوة لمقاطعة هذه الدول ومعاقبة شعوب بأكملها ـ ان كنا نقدر علي العقاب وعلي الأستمرار فيه ـ علي ذنب ارتكبه افراد دون ان نبالي بالآية الكريمة " ألا تزر وازرة وزر اخري " .. كانت بعض هذه الدول تعرض مساعدتها لنا لانقاذ غرقي العبارة بينما ترفض حكومتنا مساعدتها فهي لاتهتم إلا بأمنها وبتوريث ابنائها حتي ولو كان الثمن موت الآلاف حرقا او غرقا وخراب بيوتهم .
الفارق بيننا وبينهم انهم يدركون معني وثمن ان تكون انسانا اما نحن فمن فرط القهر الذي نعيش فيه فقدنا معني ان نكون بشراً وفقدنا احساسناً بأدميتنا وبما ترتكبه حكومتنا حقنا .. والأغرب ان هذه الحكومات وهي ترتدي مسوح الدين وتستل سيوف المقاطعة كانت تبيع قضايانا من تحت الترابيزة لدول هي احق بما ترتكبه ايديهما في حق الإنسان العربي وبما تدنسانه من مقدساتنا .. او ربما كانت تفعل ذلك للتغطية علي هذه الممارسات.
No comments:
Post a Comment