وقائع بيع مصر
المدينة تغرق شيئا فشيئا
تفر العصافير
والماء يعلو فوق درجات البيوت .
وبدا المزاد الكبير.. هذا هو ما تشير إليه الوقائع فى مصر مع نهاية المشهد الأول من عمر الوزارة الثانية لنظيف .. كل الوقائع تشير إلى أن كل شيء أصبح معروضا للبيع وان وزاره نظيف الثانية هى الوزارة التى ستكمل عمليه النهب الكبرى المسماة ببيع القطاع العام .. تؤكد ذلك تصريحات المسئولين بالوزاره ووقائع البدء فى عمليات البيع والتى تأتي هذه المرة لتقضى على البقية الباقية من لحم مصر الحى .. والصناعات ألاستراتيجيه الكبرى بها .
آن أوان تفتيت الحديد والصلب وسيطرة عز وهدم شركه الألمنيوم وبيع البنوك وشركات الأدوية وخصخصة البريد ومصمصه ما تبقى من الاتصالات .. باختصار لن يبقى شيء.
كل المؤشرات تؤكد أن الأعوام الثلاثة القادمة ستشهد اكبر عمليه نهب منظم لما تبقى من ثروات مصر وان وقائع النهب المنظم التى بدأت عام 1994 ببيع مصر وثرواتها بتراب الفلوس بدءا من الشركات ألاستراتيجيه كالمراجل البخارية التى تم بيعها بأقل من ربع ثمن الأرض المقامة عليها ومرورا بالأهرام للمشروبات وشركات الاسمنت ستصل ذروتها خلال الأعوام الثلاثة القادمة والتى ستشهد بيع 191 شركه متبقية من القطاع العام (47) شركه منها خلال العام الحالى وان كل ما تم نهبه خلال السنوات العشر الماضية سيتضاءل أمامه ما سيتم نهبه خلال الأعوام القادمة .وان محمود محيى الدين وزير الاستثمار الحالى سيسجل نفسه فى قائمه من باعوا مصر بجوار عاطف عبيد ومختار خطاب ومن فوقهم جميعا كبيرهم قائدنا المفدى حسنى مبارك ((حفظه الله)) .
ولعل نظره سريعة على ما سلف وتلف من ثروة مصر تكون كاشفه لما يمهدون لإتلافه ويخبئونه لنا خلال السنوات القادمة .فالوقائع والأرقام تؤكد أننا أمام اكبر عمليه نهب فى التاريخ الحديث حيث تشير الأرقام إلى أن اجمالى ما تم نهبه فى عمليه بيع القطاع العام بلغ ما يقرب من 500 مليار جنيه بتقديرات الحكومة والمؤسسات الدولية ومنها تقارير منظمة الشفافية الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة أعوام 1996-1999-2001
والتى أكدت أن العديد من الشركات تم بيعها بأقل من سعر الأراضى المقامة عليها .. فبأرقام الحكومة نفسها فان القيمة الدفترية للقطاع العام قبل عمليه البيع كانت تقدر بـ115 مليار جنيه بأسعار إنشائها فى الستينيات لكن التقديرات الدولية للقيمة السوقية لها مع بداية عمليه البيع عام 1994 وصلت بها الى خمسه أضعاف هذا الرقم حيث تراوحت بين 500و550 مليار جنيه ..ورغم ذلك فان القيمة التى دخلت إلى خزائن الحكومة نهاية العام الماضى وبداية العام الحالى وبعد بيع أكثر من 70% من الشركات لم تتعد 25 مليار جنيه بما يعنى أن الحكومة باعت ثروة مصر ومصانعها بأقل من ربع قيمتها وقت إنشائها فى الستينيات و5% من قيمتها السوقية عام 1994.
ويصل الفساد ذروته عندما نعلم أن قيمه العمولات التي حصل عليها المسئولون المشرفون على عمليه البيع بلغت 33 مليار جنيه طبقا لدراسة أعدها الباحث الاقتصادي المدقق عبد الخالق فاروق – أى بزيادة 8 مليارات جنيه عن ثمن بيع القطاع العام – هذا بخلاف ما تم دفعه من تحت الترابيزة وما تم شحنه الى بنوك الخارج .. ورغم ذلك فان كل هذه المليارات المهدرة والتى بلغت ما يقرب من 500 مليار جنيه و كانت كافية لوضع مصر فى مصاف الدول المتقدمة تتضاءل أمام الآثار السيئة التى خلفتها عمليه البيع بعد أن تم تفكيك عدد كبير من هذه الشركات وتسريح العمالة الموجودة بها بينما سيطر الأجانب على صناعات استراتيجيه وحيوية مهمة كالاسمنت وهدموا صناعات أهم كالمراجل البخارية ليدفع المواطن المصرى الثمن مرتين ، مره ببيع ثروت بلاده وثانيه باشتعال أسعار العديد من السلع ومنها الاسمنت على سبيل المثال والذى زاد سعره من 120جنيها للطن الى 300جنيها بعد سيطرة الأجانب عليه .. بخلاف الاحتكارات التى فتح الباب لها على اتساعه سواء فى مجال الاتصالات والمحمول وليس انتهاء بالحديد وغيرها من المنتجات الأخرى وسلم لى على عز وساويرس وشركاهما.
وتزداد الصورة قتامه عندما نعلم أن قيمه ما دخل مصر من حصيله بيع القطاع العام بعد عمليات الفساد المنظمة تم إهداره على تشريد العمال عن طريق المعاش المبكر وسداد ديون الشركات المباعه ..فبأرقام الحكومة عام 2003فان حصليه بيع القطاع العام حتى وقتها كانت 16.9مليار جنيه تم سداد 14.7 مليار جنيه منها ،3مليارات منها تم إنفاقها كتعويضات للعمال الخارجين على المعاش المبكر و4.5 مليار تسويات ديون للشركات و6.6مليار تم تحويلها لوزارة المالية ليتم إهدارها فى الموازنة العامة للدولة و0.9مليار أنفقت على الإصلاح الادارى للشركات .. أي أن حصيلة بيع القطاع العام أهدرت بالكامل بينما خلفت وراءها اكثر من 450الف عامل انضموا الى طابور البطالة عبر نظام المعاش المبكر. والأدهى والأمر أن تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات حول الشركات المباعة جاءت لتكشف عن تراجع واضح فى أداء هذه الشركات وأنها فشلت فى خلق عماله جديدة بل ساهمت فى زيادة نسبه البطالة بخروج العمال الى المعاش المبكر حيث تراجع التشغيل فى عدد كبير منها الى 58%من عدد العاملين ورغم ذلك انخفض متوسط هامش الربح فيها بصوره كبيره أى أن النتيجة كانت موتا وتشريدا وخراب ديار..وهو ما تسعى الحكومة لاستكماله فى السنوات الثلاث القادمة وهو ما بدأت بوادره فى الظهور من خلال عمليات بيع شركات الشرقية للدخان وسيد للأدوية وشركات الغزل والنسيج وبنك الإسكندرية ..والبقية تأتى وعلى مصر السلام ولحكامها العمولات والمليارات والخير الوفير ..وطوبى لمن طعموا خبزها فى الزمان الحسن.. وأداروا لها الظهر عند المحن.. ولنا القهر والفقر نحن الذين وقفنا نتفرج عليهم.
No comments:
Post a Comment