Wednesday, March 7, 2007

ثلاثة مشاهد عبثيه لـ ((نظام))يحكم من غيبوبة الموت


النظام فى واقعه التغيير الوزارى بدا فى صوره شخص((فاقد الوعى)) يفيق ليصدر قرارا وفى الشهقة الثانية يغيره

ثلاثة مشاهد عبثيه لـ ((نظام))يحكم من غيبوبة الموت

ربما لا يحتاج الصحفي منا مهما كان محدود الإمكانيات- أكثر من نظام مثل الذى نعيش في ظله لإثبات موهبته الصحفية فهو نظام لا يكف عن تكرار نفس الأخطاء والخطايا ويتمسك بنفس أساليبه الغبية فى إدارة معاركه دون اى محاوله لقراءة الواقع حوله اوللتغير الذى يشهده العالم فما بالك لو كان هذا الصحفى مهموما بالفعل بقضايا هذا الوطن المهزوم المدحور بظلم واستبداد وغباء حكامه وصمت أبنائه..
والمشاهد الغبية فى حياه النظام القائم لا تتوقف.. كان آخرها ثلاثة مشاهد احتلت مساحات متفاوتة من اهتمام الناس خلال الأسبوع الماضى فى مقدمتها التغيير الوزاري وحاله الفوضى والسيولة وانعدام الرؤية التى تخللته والعنف الوحشى الذى مارسه النظام ضد اللاجئين السودانيين رغم انه ليس جديدا عليه، أما المشهد الثالث فكان إغلاق قضيه الاعتداء على الصحفيات يوم الاستفتاء لعدم الاستدلال على الفاعلين ، وهى مشاهد كشفت طبيعة النظام الحاكم عندنا وطريقه إدارة الصراعات داخله والطريق الذى يسير بنا إليه طالما بقيت الأمور على ما هى عليه ودام صمت واستكانة شعبنا المهموم بلقمه عيشه وصراعات الكره وملابس الفنانات ومساحات ما تكشفه من أجسادهن وهل ما يحدث الآن تغير أم فوضى أم محاوله للتشبث بالبقاء من جانب قادة هذا النظام أم إننا حيال وضع عبثى لم يعد احد يمتلك فيه زمام الأمور.. لكن الحقيقه الثابتة التى تكشفها المشاهد الثلاثة أن جانبا من النظام يعيش فى غيبوبة موت ورغم ذلك ما زال مصرا على التمسك بموقعه يغالب عوامل الزمن والسن والقدرة على الاحتمال ..وبين غفوة وإفاقه يحاول القبض على الأمور ولو من باب ((عند الكبار)) والإحساس بأنه مازال قادرا على اتخاذ القرار..بينما يقف على الجانب الأخر ينتظر السر الالهى مجموعه أخرى من النظام هى جزء اساسى فيه لكنها تبحث عن المستقبل – مستقبلها طبعا- تحاول تثبيت أقدامها وتستغل كل لحظه غفوه لفرض المزيد من الهيمنة والسيطرة وكسب مساحه اكبر من الوجود وهى تدرك أن الجانب الأخر وقت الإفاقه لن يمانع وان غضب على سحب البساط من تحت أقدامه ولذلك فهى لا تكف عن اجتذاب ومجامله عناصر القوه فى المجموعة القديمة وتعضيدها فى مواجهه المطالبين بالتغير حتى لا يشعروا بأنهم أصبحوا أصحاب سطوه .. وكل هم قاده هذه المجموعة ليس الدخل ومشاكله وحساباته طالما لم تتعارض معهم وإنما تدعيم مواقع قوتهم فى مواجهه الخارج وتقديم أنفسهم على أنهم المالكون الحقيقيون لزمام الأمور وقت يحين قضاء الله.
ويبقى الجانب المستبعد من هذه المعادلة هو الناس فلا احد يحسب حسابهم حتى ولو تم الإيحاء بذلك من خلال استبعاد بعض الرموز القديمة فى معركة تنازع القوه بين أطراف النظام .. ولا احد يضعهم فى اعتباره طالما هم صامتون غير مكترثين بما يحدث وكل همهم هو أكل العيش والبحث عن وسيله لمجرد البقاء على قيد الحياة حتى ولو كان ذلك من خلال مجاراة النظام فى فساده أو الطر مخه على عوراته أو الخوف من أنيابه رغم أنها أنياب نظام شاخ ولم يعد له أسنان حتى لأكل (( الرز باللبن)) على رأى المثل العامى الشهير بينما يسعى للزواج من اى قوه خارجية تعينه فى وقت يعانى فيه من البوار ولا يجد حتى من يخطبون وده أو يتعاطفون مع عجزه بسبب ممارساته الفجة القبيحة وهكذا أصبح الطريق الوحيد للتعامل معه هو التلويح بالأحذية وقطع المعونات وفرض العقوبات بعدما فقد كل أسلحته فى عمليات استرضاء الكبار بالخارج ولم يعد له اى أسلحه داخليه يفاوض عليها لأنه من البداية باع شعبه ولم يضعه فى اى من حساباته دون أن يحاول الاستفادة من التجارب المحيطة به والتى كان يستغلها فى خطب ود القوى الخارجية بتقديم المزيد من التنازلات بدلا من تقويه نفسه داخليا لمواجهه ما سيحدث له وقت يحين أوان دفع الحساب.

المشهد الأول :
ربما يبقى التخبط العبثى وغياب المعلومة التى حكمت مشهد التغيير الوزارى خلال الأسبوع الماضى خير دليل على مدى الشيخوخة والغيبوبة اللتين يعانى منهما النظام فالمشهد منذ الإعلان عن تكليف نظيف بتشكيل الحكومه ثم الاعلان عن انه لم يكلف ثم العودة لتكليفه مرورا بالحديث عن إبقاء وزراء كوزير التعليم ثم خروجهم من الوزارة والإعلان عن دخول وجوه محلهم ثم استبدالهم بغيرهم قبل أن يستقر بهم الحال على مقعد السكرتارية عفوا الوزارة.. هذا بخلاف المواعيد المتضاربة لإعلان التشكيل الوزارى وإعلان اكتماله ثم العودة للقول بان ما تم الإعلان عنه مجرد اجتهادات وان الوزارة ما زالت فى طور التشكيل انتهاء بحلف اليمين .وما تخلل ذلك من غياب للمعلومة وشائعات وتكهنات حول الأسباب التى تقف وراء ذلك لا تفضح فقط طبيعة النظام الفردى الذى تعيشه وتحكم شخص واحد فى إصدار القرار فيه وإنما تلقى بالكثير من الشكوك حول الحالة الصحية والعقلية للنظام والذى بدا فى صورة شخص فاقد الوعى يعانى من الغيبوبة لا يلبث أن يصحوا ليصدر قرارات غير التى أصدرها ليعود للغيبوبة مره أخرى ثم لا يلبث أن يفيق ليبدل هذه القرارات خاصة فى ظل إحساسه بان من يقفون حوله ربما يحولون فرض سطوتهم أو يستعجلون انتهاء هذه الغيبوبة فى سبيل تحقيق ما يصبون إليه .

المشهد الثانى :
هو المشهدالخاص بالطريقة التى تم التعامل بها مع اللاجئين السودانيين العزل وهو مشهد جاء ليؤكد على حاله التوهان التى يعيش فيها هذا النظام لدرجه انه حتى لم يفطن لما قد يخلفه ذلك من مشاكل عليه وما سيسببه له من أزمات بل انه بعقليه الأسد الجريح وبعقليه مخبري الداخلية التي أدمنها فى التعامل مع مشاكله الداخلية دون أن يدرك أن الحال لم يعد هو الحال فتح الباب على نفسه لتلقى سيل من الانتقادات الدولية قبل حتى أن يبرا مما خلفه تعامله بنفس الطريقة مع عدد من المشاكل الداخلية وآخرها قضيه أيمن نور.. ولن يفطن أن دماء الأبرياء لم تعد بلا ثمن مثلما تعود فى ظل الحسابات الجديدة المفروضة على المنطقة وفى ظل السعى الدائم من القوى العالمية الحاكمة لفرض سطوتها وهيمنتها على الجميع بعد أن اكتشفت أن الديكتاتورية لم تعد سبيلا لفرض هذه الهيمنة وأنها ربما تكون هى أول من يدفع ثمن ذلك قبل احد غيرها .. ولذلك فان دماء الـ25 لاجئا التى سالت على ارض ميدان مصطفى محمود والأرواح التى طالها التعذيب فى زنازين الداخلية والتى جاءت فى أعقاب ما حدث لأيمن نور ربما تكون بداية دفع الثمن لهذا النظام .
المشهد الثالث :
والمتمثل فى حفظ قضيه الاعتداء على الصحفيات يوم الاستفتاء لعدم الاستدلال على الفاعلين ربما يحمل العديد من الدلالات على مدى ديكتاتوريه هذا النظام وحمايته لجلاديه لكن ما يخصنا هو الجانب الخاص بعناد هذا النظام وعدم إدراكه لما يحدث حوله وهى صفات المسنين والمصابين بالشيخوخة وفقدان الذاكرة .ففى الحالات العادية وفى النظم الديكتاتورية أيضا التى مازالت تحمل قدرا من الرشاد كان ممكنا أن يتم اللجوء لحلول من نوعيه تقديم قرابين أو بدلاء لإسكات أصوات المعارضة لكن النظام بعقليته المتيبسة رأى أن ذلك ربما يفتح باب الطمع المعارضين وإغلاق الباب أمام المحاكمات الدولية لرموزه وهى نفس العقلية التى أدارت معركة بقاء وزراء الداخلية والعدل والثقافة فى مواقعهم رغم تعالى أصوات المطالبين برحيلهم ونسى فى خضم غفلته أن المعارضة الداخلية ليسوا فقط هم الذين يطالبون بالحقوق ولكن هناك قوى إنسانيه تدعم هذه الحقوق بخلاف الواقفين بالمرصاد والمطالبين بالتبعية حتى أخر قطره وأخر نفس وأخر قطعه من كرامه يدفع المواطنون ثمنها .
المشاهد الثلاثة كاشفه عن طبيعة النخبة الحاكمة وعقليه المسنين وأفراد العصابات التى تحكمنا وتتحكم فى مصائرنا من على مائدة عشاء السلطة.
نشر فى الدستور بتاريخ : 4 يناير 2006

No comments:

 
eXTReMe Tracker