Wednesday, September 5, 2007
ان تكون نفسك
سؤال يطاردنى به اصدقائى وزملائى خلال هذه الفترة - من واقع تجربة محدودة اعيشها ويعيشونها - لماذا اليسار دائما مرتبط بالافاقين والكذابين ومدعى النضال؟ ولماذا لا يجتمع اليساريون على هدف او على شىء نبيل رغم نبل المعانى التى يصدرونها للناس؟ وهل فكرة اصحابها بهذا السوء تستحق الانتماء اليها ؟هل يمكن ان يكون حملة لواء الحقيقة والدفاع عن الفقراء والكادحين افاقون ومستغلون؟ وهل يمكن ان يتحول كبار المفكرين الى منظرين للاستبداد والكذب لمجرد ان الله ادخلهم فى تجربة المصالح او لانهم لاول مرة فى حياتهم تعرضوا لاختباريتعلق بمساحة ذواتهم ؟
مجمل هذه الاسئلة والتى تتدافع على الالسنة - دون التفات لمحدودية التجربة ومحدودية اطرافها وعدم تعبيرها الا عن الواقع الذى نشئت فيه - ممكن ان نجمعها فى تساؤل واحد لماذا لا يكون دعاة اليسار على قدر مبادئهم ولماذا دائما يفشلون فى اختبارات الحقيقة والواقع؟وهل العيب فى الفكرة؟
الحقيقة ان اختزال اليسار فى بعض الاشخاص هو مكمن الخطأ فالحقيقة ان الافكار الجميلة والعظيمة لا يقوى على حملها الا اصحابها ودائما تكون فاضحة للادعياء وهذا هو مكمن صدقها فالكلمات الرنانه حتى ولو اعجبتكم لا تصنع يساريا وانما التجربة هى الكاشفة ..وساعتها ستكتشف الفرق بين احمد نبيل الهلالى وبين منظرى الغفلة ، بين من اصروا على خوض التجربة كاملة وطبقوها على انفسهم قبل غيرهم.. الهلالى وعريان نصيف ومحمد عراقى وعم على الصباغ وشحاته هارون وشاهندة مقلد وصلاح حسين و يوسف درويش وكمال خليل واسماء كثيرة لا يتسع المجال لذكرها نموذجا ، وبين اشخاص ملئوا الحياة ضجيجا وصراخا وفى اول اختبار حقيقى لمبادئهم سقطوا ..فهل سقوطهم يعنى ان الفكرة سقطت ام ان الفكرة من فرط صدقها لا تحتمل ان يحملها مدعون وافاقون او حتى من يحملون لواء الكلام حتى اذا ادخلهم الله فى التجربة سقطوا وفرطوا وكذبوا ملء افواهم يبتغون مرضاة الناس قبل رضا انفسهم ولو هلكت مبادىء طالما تغنوا بها دون امتلاكها..
فهل يمكن ان يشكل هؤلاء دليلا على عيب الفكرة ام هم تأكيد لفرط صدقها؟ فاليسارية ليست تجربة كلمات وشعارات حتى لو حمل لواءها اصحاب الكلمات الرنانة ورافعوا الشعارات بل هى تجربة الخائضين الحياة ،القابضين على جمر مبادئهم ، المطبقين لافكارهم على انفسهم قبل غيرهم ..هؤلاء هم دليل وجودها ، والاخرون تأكيد لصدقها بدليل انهم لم يحتملوها ففروا منها ولم تحتمل ادعائهم فلفظتهم..
التجربة تقول لا تستمعوا لرافعى شعارات النضال قبل ان يختبروا
والتجربة الاعمق تقول ان الاعتقال والسجن ليس دليلا وحده على الاخلاص للفكرة فالاخلاص لها ان تطبقها على نفسك قبل غيرك
ان تتماهى مع ما تقوله وتكون مستعدا لتطبيقه على نفسك قبل الاخرين فكم امتلئت السجون بافاقين ومخبرين وبحملة شعارات لم تختبر وفروا امامها قبل ان تطالهم وعندما دخلوا التجربة اختاروا انفسهم بل ونافقوا وكذبوا وادعوا وفى المقابل اوغلوا فى الزعيق والنهيق للمدارة على نكوصهم وعلى عوراتهم التى انكشفت..
الافكار الجميلة لا يقوى على حملها الا بشر حقيقين وهذا هو مكمن الخطر لانها دائما تكون عرضة للنيل منها عندما يلتف حولها المغرضون والباحثون عن مجد او مصلحة شخصية او دعاة النضال ووقت الاختبار لا يدرك الناس ان هؤلاء هم الساقطون وليست الفكرة التى ادعوا يوما انهم حملة مبادئها دون ان يختبروا فهم منذ البداية يتكلمون وفقط دون ان يختبروا ..
هذا ليس دفاع عن اليسار وانما دفاع عن اى فكرة انسانية تنشد العدل والحقيقة والمساواة عن اى تجربة انسانية تماهى اصحابها مع مبادئهم
عن اى حلم بعالم افضل يحمل لواءه بشر حقيقون مستعدون لدفع الثمن من ذواتهم ومستعدون لتطبيقه حتى ولو على انفسهم
دفاع عن حملة الافكار الحقيقين المستعدون لدفع ثمنها كاملا
عن الانبياء والصديقين
عن محمد والمسيح
عن على وعبد الناصر
عن ابو ذر وجيفارا
عن نبيل الهلالى وصلاح حسين
عن عصام العريان وعريان نصيف
عن ان تكون نفسك وان تتماهى مع افكارك حتى لو دفعت الثمن
Subscribe to:
Posts (Atom)